Monthly Archives: أكتوبر 2013

قبل فوات الأوان(2)

2011130big9767041النتائج ثمار المقدمات، والنهايات حصاد البدايات؛ ولذا تتباين الرؤى وتتناقض الأحكام حين نقف على النهاية والنتيجة دون إدراك المقدمة والبداية… وبالمثال يتضح الكلام، وبالقصص تجلو الأفهام .

 أم الأولاد… ذيك الكنزالمفقود والشمعة المحترقة؛ التي تشرق قبل الشمس فتودع سريرها وتلملم شعثها مع بكاء طفلة رضيعة، وغلام يبحث عن حذاء المدرسة، وصرير باب ثلاجة يتربص أمامها متجهم يريد  التهام فطوره، وزعيق محرك السيارة ؛  ثم تدهمها المشاغل من غسيل  للملابس، وتنظيف للأطباق ،وطهي للطعام ،وكي للثياب، وترتيب  للأسَرِّة… لينقضي النهار على عجل وينشر الليل أرديته؛ فتنهار جثة هامدة كصنم دكَّه الخليل على غفلة من عُبَّاده ؛ لتنهض قبل بداية الحلم على صوت شابة تتحمم وتتغنى بغنوجة ودلال، وزوج يقف أمام المرآة يمشط شعيرات تأبى أن تنام … ثم ترحل في نوبة هستيرية متمتمة  ومحوقلة…فيم قصرت لتتزوج عليَّ يا ناكر الجميل وكافر العشير!!

قبل فوات الأوان قد ينفع العتاب، وقبل بلوغ الروح الحلقوم قد يكون للتوبة مجال …فهل نعي الدروس أم سنبكي على اللبن المسكوب ؟. 

نـعلَّل بالدواء إذا مرضـنا …

          وهل يـُشـفــي من المـوت الدواءُ

ونختار الطبـيب وهل طبـيـب …

           يؤخر مـا يقدمه الـقــضاء

ابن نباتة السعدي

قبل فوات الأوان (1)

2011130big9767041

النتائج ثمار المقدمات والنهايات حصاد البدايات؛ ولذا تتباين الرؤى وتتناقض الأحكام حين نقف على النهاية والنتيجة دون إدراك المقدمة والبداية…

وبالمثال يتضح الكلام وبالقصص تجلو الأفهام .

لي صديق  متيم بالطب وعاشق للعلم  وراهب في محراب الجامعة؛ حتى غدا يوما مسجلا لنيل درجة الدكتوراة  وفي ذات الوقت يستعد لنيل درجة الماجستير في تخصصين آخرين؛  فكنت تراه متبتلا في حجرته، غارقا لأذنيه، منكبا وسط المراجع والكتب المبعثرة فوق المكتب والسرير والمبللة بعرق أضناه الحر وقسوة الهجير؛ لايقطع صمت كهفه ومحرابه  إلا قرع الباب وصينية الطعام ونظرة باردة شاردة من زوجة  مازالت حية ترزق…تمر الأيام تترى ويصاب صديقي بداء السكري  العضال تحت وطأة سؤال كبير وجواب قصير … لا أدري سببا واحدا لإصرارها على الطلاق !!!!!

قبل فوات الأوان قد ينفع العتاب، وقبل وصول الروح للحلقوم قد يكون للتوبة مجال …فهل نعي الدروس أم سنبكي على اللبن المسكوب !!! 

ert

الشاعر

f28bd87f06004cc74c95d880a6914a72وظلم ذوي القربى أشد مَضَاضة…..على المرء من وقع الحسام المهَنَّد.

رحم الله شاعرا ينثر الحكمة دررا فتحوي مايعتمل في صدورنا وما يجري به الدم في عروقنا؛فهذا شاعرنا طرفة بن العبد مات أبوه فعدا عليه أعمامه واقتنصوا ميراثه فاحترق فؤاده جمرا ونظم ما تقدم من الشعر.

والحقيقة كلنا ذاك الرجل؛ فكم منا من اقْتُصَّ من ميراثه، أو ضاع ما أقرضه لأولاد عمومته، أو ناله من عقوق الولد، أو مسبة القريب،  أو جحود الصديق، فجاشت نفسه وفاضت مشاعره وزفر صدره فلهج لسانه بتلك الأبيات التي تصرخ في فضاء  الصحب والآل…..أن رحماكم فلاتصدمونا، وبربكم لا تخذلونا.

القرابة والعشرة والصحبة تفرض التزامات شرعية وعرفية بالسند عن الانكسار، والتلبية عند الطلب، والنجدة عند الغوث؛ تلك فطرة بشرية لا خلاف عليها؛ ولذا ترتفع سقف التوقعات ويبلغ العشم مداه و يكون الإحباط والخيبة والحسرة عند خواء تلك الآمال، وعندها يكون الغضب أشد والخصومة ألد ويصعب عندئذ الجبر والصفح.

{ أَعطِ الآخرين فوق مايتوقعون، واطلب منهم أقل مما يجودون }

تلك وصفة تُريح بها وترتاح في زمن عزَّ فيه من يُقدِّرون القرابة حقها، وندٌر من يَهَبُ خالصا لوجه الله .

 وإن شئت الترقِّي فإليك ياقوتة حمراء من أقوال خير الأنام… جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه و سلم فقال : يا رسول الله أوصني ، قال : عليك بالإياس مما في أيدي الناس .

 صلى الله علي محمد …صلى الله عليه وسلم .

قال ذو النون : ثلاثة من أعلام الكمال :
– وزن الكلام قبل التفوه به .
– ومجانبة ما يحوج إلى الاعتذار .
– وترك إجابة السفيه حلماً عنه .

ثياب العيد

imagesاعتاد الكثيرون حشد الميزانيات، وشَدَّ الرحال للتجوال في الأسواق، والتدقيق في الاختيارات، والمفاضلة بين الأذواق والأسعار؛ ليظفروا في نهاية المطاف بما يسمى ثياب العيد…أهلا بالعيد!

ليت العيد يكمن في الثياب لسهل الأمر وهان, ولكانت أيامنا كلها أفراحا وليالي ملاحا،

ولكن العيد… بيت مُضَاء، وشارع مٌزْدان، ووطن على الحب والأمن ينام.

 العيد قلب ينبض، وروح ترفرف، ونفس تبتهج، ووجه يَبَشُّ، وعين تلمع، وثغر يبسم، ويد تحنو؛ كما أن العيد عرس جماعي تتشارك فيه العائلات فتتصافح الأيدي، وتتعانق الأجساد، وتتواصل الضحكات.

إذاوجد المال لشراء الثياب؛ فأين من يلبس الثياب، وأين الوطن الذي يصلح للعيد.

هاهي الأوطان باتت في خبر كان، والشوارع تغص بالدبابات، والميادين تحولت إلى ثكنات، وأكفان الشهداء تجوب الطرقات، والسجون حافلة بالمظلومين، ودموع الأيامى والثكالى تسيل، والأطفال بلباس العيد يتقافزون ويتصايحون ويتساءلون… أين أبي ليصحبني لمُصَلّى العيد ؟

أين مصروف العيد؟

أين الأراجيح؟

وأين ذهبت الميادين؟

ثم أين  الرئيس!!!!!!!!!!

                          كَبِّروا… فغدا يأتي العيد.

حصنوني… شكرا

rttttyy

{ يوم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون }النور 24

تبا لك أيها اللسان؛ قطعة لحم بطول سنتيمترات؛ تفضح المستور، وتكشف المخبوء في الدنيا والآخرة ،…وعلى الباغي تدور الدوائر.

تحت شعار تسريباتنا أقوى من الرصاص؛ خرج علينا المغوار قائد الانقلاب ورمزالغدر والخيانة بلسانه المعسول وحنانه المعهود يطلب الحصانة والمناعةوالحماية… وها أنذا يتردد في صدري ويجول بخاطري السؤال تلوالسؤال.

لماذا تطلب الحصانة؟

ألا تردد أنت وصبيانك أنكم قمتم بثورة عظيمة أنقذت البلاد والعباد، وأن أيديها سالمة، وأن ورائكم الملايين، وأن الحال عال العال وخارطة البطريق تسير للأمام؟!!

وممن تطلب الحصانة؟

 من جوقة الاعلام، وحظيرة الثقافة، وأدعياء السياسة ؟! فهؤلاء يسبحون بحمدك ،ورهن اشارتك، وطوع أمرك .

ولمن تطلب الحصانة؟

لشخصك المأفون، ورتبتك الزائلة، ويدك الملطخة بالدماء؛أم لوطن منكوب وشعب مجروح ومواطن مهان ؟! .

اصدقني القول يابطل الأبطال … ممن تخاف ؟

من الشهداء الذين قضوا نحبهم فهم في جوار ربهم، أم من السجناء الذين يقبعون خلف القضبان، أم من الرئيس المخطوف بمصحفه وسجادة صلاته، أم من القنوات المغلقة بالقفل والمفتاح، أم من الأصابع الأربعة التي يرفعها الطلاب، أم من دمعة أم ثكلى على شهيد أو جريح، أم من دعوة مغترب حر يود العودة لأحضان البلاد.

مانعلمه أن الحصون قلاع لليهود، وأن التحصين للرضع من الأطفال …أما أنت يابن الستين فقدحان موعدك مع الفطام والختان…ويا أم المطَّاهر رشِّي الملح سبع مرات.

 

yttrr

صديقي

images (4)

تمثل شبكات التواصل الاجتماعي العقل الجمعي للأجيال الحالية؛ فيها ينفثون همومهم,ويبثون شكواهم,وتلهج ألسنتهم,وتسبح أقلامهم لتصنع فسيفساء ذات طابع خاص بكل مرتاد لذلك الفضاء اللامتناهي الذي ينادي صباح مساء…

هل من مزيد؟ .

كنت أنا ذلك المزيد الذي ارتاد هذا العالم بعد تردد وتوجس، فألفيته بحرا لُجِّيا؛ أمواجه متنافرة، وضفافه مترامية، وصخبه كالنفير، ولجته لأصل ما قطَعَتْه غربة السنين ومشاغل الحياة من علاقات صداقة ذبلت أشجارها وتهاوت أوراقها مع خريف العمر الزاحف بشعيراته البيضاء وحنينه للذكريات.

عثرت وسط أتون الصفحات والتغريدات والتدوينات على زميل الدراسة الأثير لدي، والذي شاركني أمل وألم التخرج ثم تفاوتت مشاربنا؛ حيث حملت حقيبة سفري السوداء ويممت وجهي شطر الخليج لتغوص قدمي في نفطه ودريهماته، بينما بقي هو كعود يابس في فلاة يبحث عن تراب الوطن الضائع؛ لينثر فيه بذور الحرية وأشجار الكرامة…..منتظرا الفرج والفرح؛  ولكن… هيهات …هيهات.

صفحاته تكللها أشعار احمد مطر ومظفر النواب، واقتباساته تزخر بكتابات الكواكبي في طبائع الاستبداد،وقصصه مرموزة ومشفرة ككليلة ودمنة، وصوره  منتقاة من طيور محلِّقة في الهواء.

لك الله يا صاحبي؛ افترقنا وما افترقنا،اختلفنا وما اختلفنا، فنحن في الهم سواء …غربة هنا وغربة هناك… لاوطن هنا ولا وطن هناك.

أيا حقيبة سفري…أنت وطني وقبري،وعلى الأوطان السلام . 

%d مدونون معجبون بهذه: